الخرطوم – علاء الدين أبو حربة
«علي صالح سالم»، أحد الناجين من الباخرة عشرة رمضان التي غرقت في أبو سنبل في عام 1983م، وهي قادمة من مصر إلى السودان، إلتقته «الأهرام اليوم» وروى لها تفاصيل الحادثة، فدونكم إفاداته:
تحركنا من السد العالي بأسوان قادمين إلى السودان، وكان إبحار الباخرة بطريقة جيدة، وأذكر أنه كان هناك احتفال داخل الباخرة من فتيات الجريف شرق من إحدى مدارس شرق النيل الثانوية بصحبة مدير المدرسة، وفي حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً نزلت إلى الحوض لكي أغسل ملابسي شعرت بأن هناك انفجاراً قوياً اشتعلت على إثره النيران في كل اتجاهات الباخرة وسبّب هذا الانفجار أن بحارة الباخرة اشتروا بنزين وجازولين من مدينة أسوان من أجل بيعه في وادي حلفا وبعد حدوث الانفجار قام البحارة بإنزال لنش صغير ركبوا عليه وهربوا وتركوا بقية الركاب داخل الباخرة وأول من أحرقتهم النيران داخل الباخرة هم حوالي 150 شخصاً كانوا بالقرب من مخازن المواد البترولية، وبعد أن اشتعلت النار وتمكنت من الباخرة حتى وصلت إلى ثياب طالبات الجريف اللائي تماسكهن مع بعض ثم قفزن إلى النهر. وأذكر جهود مدير المدرسة الذي بذل كل ما في وسعه لإنقاذ الطالبات ولكن المعلمين احترقوا إلا واحداً نجا ولكنه تأثّر عقلياً «أي أصبح مجنوناً». ومن أجمل الطرائف التي شاهدتها في ذلك الوقت العصيب أن طفلة عمرها عامان احترقت أسرتها بعد أن وضعتها أمها على سطح أسفنج وأنزلتها الماء فجاءت امرأة هولندية أثناء سياحتها ووجدت الطفلة طافية على الماء فدفعتها حتى استطاعت إخراجها. نحن نجونا حوالي 200 شخص بعد أن صعدنا سفح جبل أبوسنبل ووجدنا حيوانات مفترسة قتلت حوالي سبع أشخاص وأذكر امرأة عروس نجت وزوجها توفي، وأيضاً رجل من بحري نجا وحده وتوفيت أسرته التي كان عددها (11) شخصاً. بعد صعودنا الجبل اكتشفتنا طائرة تونسية، فأبلغت مطار وادي حلفا لكن الإشارة التقطها المصريون فأحضروا رفاسات وغطاسين وأخرجوا عدداً من الطالبات وبعض الأشخاص الذين غرقوا وتم وضع الجثث في لنش وأخذوا الناجين إلى المستشفى العسكري بمدينة أبو سنبل وحوِّلت الحالات الخطرة إلى مستشفى أسوان وأرسلوا لنا بطاطين وأطباء كشفوا على الحالات وأحضروا أكلاً وكل النوبيين الموجودين في المدينة عسكروا بالقرب من المستشفى والمدرسة التي وُضعنا فيها من أجل إعداد الوجبات وتم دفن المتوفين في حفرة كبيرة كُتب عليها منطقة شهداء الباخرة عشرة رمضان، وجاء الهلال الأحمر في اليوم الثالث وقدم لنا ملابس وأعطوا كل ناجٍ منا ثلاثة جنيهات مصرية وتم حصر الناجين وحملونا على عدد من الطائرات واحدة منها ذهبت إلى مطار وادي سيدنا وأخرى إلى القاعدة الجوية بمطار الخرطوم العسكري. وصلنا إلى المطار العسكري وتبرع سائقو التاكسي بايصالنا إلى محطاتنا وبعد فترة من الزمن طالبنا السلطات بحقوقنا وخساراتنا ولكننا لم نحصل على أي شيء وبعد كل هذه السنين جاء إلينا مصري من أسوان وقال إنهم رفعوا دعوى على الشركة المصرية للمطالبة بتعويض، ونشر بيان في عدد من الصحف وذهبنا وقابلنا الوكيل من أجل إعطاء توكيلات له وبعد فترة انقطع الاتصال بيننا وبين الموكَّل وأناشد القنصلية في أسوان والسلطات السودانية ووزير الخارجية ورئيس الجمهورية أن يطالبوا لنا بحقوقنا، علماً بأن المحامي الذي أوكلناه اسمه «محمد حسن خليل» وأشكر صحيفة «الأهرام اليوم» على طرحها لقضيتنا في عددها الصادر الأربعاء 11/مايو.
اضف تعليقا