هذه بعض قصائد قديمة كتبتها منذ ثلاثين أو أكثر من السنين،، نسيتها ونسيها الناس. واليوم وجدتها ، وسوف أنشر بعضها للناس، لا ليقولوا أحسنت ولكن أردت أن أشارك الآخرين ببعض نبض مشاعري في القديم. والشعر لا يبلى إذا كان له في النفس مكان.
السَّائِلُ عَن كُنْهِ حَبِيبِي
مَن مِنكم يَا سادَةُ..
ذاكَ السائلُ عن كُنهِ حبيبي؟
أنتَ إذاً؟ حسناً يا هذا
هل تقرأُ كتبَ التاريخ؟
هلمَّ نشاهدُ سرَّ الحبِ الآتي من أغوارِ الدهر..
أغمض عينيك..
واركبْ خلفي صهوةَ هذا المُهر.. (بُرَاق الإيمان)
وَتعالَ نُسافرُ عبرَ الأزمان..
حيثُ نَشاء..
حَدِّقْ في أَصلِ الأَشياء
وانظر.. ذاك حبيبي في مَرْكِبِ نُوح
طاووساً يختالُ على وجهِ الطُّوفانِ ويمشي فوقَ الماء..
وتلك رموزُ حبيبي قد نُقشت
بالهيروغليفِ على أقبيةِ الهرم الأكبر
قطرةُ طَلٍّ في ورق البُردي
تعويذةُ سِحْرٍ في سُنبُلَةِ القَمْحِ المَكْنُونَةِ
فِي تابوتِ الفِرعون..
تاجٌ من تِبرٍ في هَامَةِ رَمسيس..
قِنِّينَةُ عِطرٍ فِي مَخْدَعِ بَلقيس..
تَرنيمةُ شِعرٍ من سِفرِ التقديس..
مِفتاحُ البابِ المَجهُولِ بسورِ الصين.
ياسائلُ عن كُنهِ حبيبي.
غصنٌ قُدسيٌ من شَجَرَةِ طُورِ سِنين.
لؤلؤةٌ في تاجِ الاسكندر ..
رُقعةُ جِلدٍ في جِلبابِ عمر
أو نُقطةُ حِبرٍ..
في كُرَّاسَةِ مجدِ الدينِ أبي البَرَكَات
سيفٌ مصقولٌ فَوقَ جَوادِ صَلاحِ الدِّين..
وَدَمٌ مَسفوحٌ فِي حِطِّين
يا هذا السائل..
ستقولُ تَعِبتُ من الأَسفار..
ما زلنا في بَدءِ المِشوار..
ستقولُ تعبتُ فَيالَلهول..
أنعودُ ولم نحصُل بعدُ على سِرِّ الأسرار؟
هل تعرفُ يا سائلُ سِرَّ جَمالِ الزهر؟
ولماذا يَرقُصُ موجُ البحر؟
ها أنتَ بَدَأتَ الآنَ تُشارِفُ معنَى السِّر
ما كانَ جمالُ حبيبي حُلُماً..
يأتي في النوم ليذهبَ عندَ الفجر
أو طيفاً يأسِرُنَا لِلُحيظَاتٍ ..
ثُمَّ يَغِيبُ بُعيدَ الأسر..
أَو جَسَداً تَأكُلُهُ سَنَواتُ العُمر..
فَجَمالُ حَبِيبِي بَاقٍ بَاقٍ أَبَدَ الدَّهر..
يَا سَائِلُ عن اسمِ حبيبي..
لَو غَاصُوا تَحتَ عُبَابِ الماء
فالاسمُ هُنَاكَ يُعَطِّرُ قَاعَ الدَّأمَاء..
وشَذاهُ يفوحُ بكلِ سماء
لو راموا سِرَّ الأشياء..
فاسمُ حبيبي سِرٌ منقوشٌ في ذاكرةِ التاريخ
لو طاروا يرتادون الأَنواء..
لاكتشفوا اسمَ حبيبي مكتوباً في سطح المريخ.
عمر أحمد فضل الله – صحيفة الشرق الأوسط 1980
اضف تعليقا