هو جريربن عبد المسيح الضُبيعي ، نسبة الى أهله بني ضبيعة . ولد في البحرين وعاش في الشام . تبع قابوس بن المنذر ملك الحيرة مدة من الزمن ، هو وابن اخته طرفة بن العبد . وكان هذا الملك يقلد ملوك الفرس في إذلال الندماء والأصدقاء فوصلت إلى مسامعه أبيات من الذم والسخرية كان الشاعران المتلمس وطرفة يتندران بها فحقد عليهما وارسلهما الى عامله في البحرين وهما يحملان رسالة مغلقة كتب فيها حتفيهما . وفي حين رفض طرفة ان يطلع على دسيسة القتل وسار الى حتفه عند عامل البحرين ، فان المتلمس قرأ الرسالة ورماها في نهر الحيرة وفر الى الشام . ومن هناك أطلق سلسلة من مواقف الكرامة والفروسية الجريحة يحرض فيها قومه على الثورة . وعندما مات الملك رجع الشاعر متخفياً الى البحرين والتحقت به زوجته أميمة .
قال ابن سلام الجمحي في “طبقات فحول الشعراء”: ((المتلمس، وهو جرير بن عبد المسيح بن عبد الله ابن زيد بن دوفن بن حرب بن وهب بن جلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة، ويقال ضبيعة أضجم، والأضجم: الحارث الخير بن عبد الله بن ربيعة بن دوفن، وبه ضجمت ربيعة، وكان سيدا. والمتلمس خال طرفة بن العبد، وإنما سمي المتلمس لقوله:
فهذا أوان العرض حي ذبابه زنابيره والأزرق المتلمس
كان المتلمس من أجود المقلين ، لكن قصائده القليلة دارت حول مشكلة الشاعر مع التشرد والانتفاء عن الارض والاهل. وكان يقع في تكرار متواصل للموضوعات ذاتها التي ترجع كلها الى حال من الدفاع عن الحرية والكرامة والتمرد . لكن ذلك لم يمنع المتلمس من استخدام وسائل لغوية وفنية متعددة للتعبير عما اختزنته نفسه من حقد وكراهية في سياق انفعالي متوتر فجاءت صوره الشعرية حرة لجبة عاصفة . وقد ظهر هذا الغضب العارم في ” هجاء عمرو بن هند ” ، هذه القصيدة الهادرة بالغضب ، العنيفة في تقريع قومه المستكينين لطغيان الملك ، المتنصلين من نسبه اليهم . وقد عبر عن هذا التنصل في قصيدته ” حضّ وتعيير” . ورغم كل المبالغات الوصفية التي حفلت بها القصيدة تحت ضغط المناسبة ، فانها تعتبر وثيقة فنية ووافية على شدة الاباء الفردي لدى العربي القديم .
قال أبو الفرج الأصفهاني في “الأغاني”: ((المتلمس لقب غلب عليه ببيت قاله وهو:
فهذا أوان العرض جن ذبابه زنابيره والأزرق المتلمس
واسمه جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن دوفن بن حرب بن وهب بن جلي بن أحمس ابن ضبيعة بن ربيعة بن نزار.
قال ابن حبيب فيما أخبرنا به عبد الله بن مالك النحوي عنه: ضبيعات العرب ثلاث كلها من ربيعة: ضبيعة بن ربيعة وهم هؤلاء، ويقال: ضبيعة أضجم، وضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وضبيعة بن عجل بن لجيم.
قال: وكان العز والشرف والرآسة على ربيعة في ضبيعة أضجم، وكان سيدها الحارث بن الأضجم، وبه سميت ضبيعة أضجم، وكان يقال للحارث حارث الخير بن عبد الله بن دوفل بن حرب، وإنما لقب بذلك لأنه أصابته لقوة ، فصار أضجم، ولقب بذلك، ولقبت به قبيلته.
ثم انتقلت الرآسة عن بني ضبيعة فصارت في عنزة، وهو عامر بن أسد بن ربيعة بن نزار، وكان يلي ذلك فيهم القدار أحد بني الحارث بن الدول بن صباح بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة. ثم انتقلت الرآسة عنهم، فصارت في عبد القيس فكان يليها فيهم الأفكل وهو عمرو.
هنا انقطع ما ذكره الأصفهاني رحمه الله )). توفي نحو عام 580م
المراجع:طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي / كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني