حالفني الحظ في قراءة الرواية أخيراً …. الرواية التي قرأت آراء كثير ممن قرأها قبل أن أقرأها ، استمعت بقراءتها جداً فلذا أشكر من أهداني إياها.
أخذتني الرواية لعالم كنت أجهل الكثير عنه، الحقائق التاريخية في الرواية طغت على الخيال الذي يمنع عن القارئ الملل… قرأت الكثير من الروايات التاريخية ولم تكن بهذا الأسلوب الراقي والإنتقاء الجيد للكلمات والوصف الدقيق للطبيعة الذي يجعلك تشعر بأن الكاتب كان مرافقاً لدلمار ترجمان النجاشي وحفيده سيسِّي.
سأقف على أكثر ما شدني في الرواية :
- مقدمة المؤلف : صفحتين فقط ولكنَّها تحوي الكثير من التحليل والسرد المنطقي فقد أعدت قراءتها أكثر من مرة، المقدمة كأنها إجابة لسؤال (لماذا أرسل رسولنا الكريم وفوده لأقوى الممالك في بلاد الحبشة ؟؟؟) . تنبئك المقدمة أن الكاتب أكثر من راوي بل محلل سياسي ومحلل عسكري محنك.
- مقدمة الراوي الشاب سيسِّي حفيد دلمار (ترجمان الملك): كانت المقدمة بكاءً على أطلال مملكة علوة، كنيستها التي بقيت آثاراً وقصر الملك الذي صار مزارع للدواجن وكانت حسرته على النيل العظيم الذي حسبه الراوي جدولاً وافتقد أشجار الليمون والدوم والمانجو .
- حدثنا الراوي عن قوافل تجار العرب وسيدهم هاشم بن عبد مناف التي ورد ذكرها في سورة قريش لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴿١﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾ .
- حدثنا الراوي أن قبل هجرة الصحابة رضوان الله عليهم والتبشير بالإسلام كان هنالك حوار بين العرب الموحدين وأساقفة الكنيسة ومن هؤلاء العرب أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة الذي كان من الأحناف الذين لم يعبدوا الأوثان وهاجر من سبأ إلى سوبأ مبشراً بالحنيفية ( وبالرغم من ذلك لم يؤمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ) للأمانة ما بين المزدوجتين لم يرد في الرواية .
- عقد الراوي مقارنة بين زوارهم العرب قبل الإسلام وبعد الأسلام وقال عنهم دلمار “هؤلاء العرب القادمون، هم مختلفون جداً عما اعتدته من قبل من القوافل العربية القادمة.”
- حكى الراوي كيف هددت “الساحرة اليهودية سيمونة ” أمَّه ناتيشا ونصحتها بألا تستقبل العرب الغرباء القادمين من الشرق لأن الرهبان أخبروها بظهور نجم معروف عندهم في التوراة بنجم شيلون. وحكي بعد ذلك عن وصول الصحابة في هجرتهم الأولى ونزولهم في دارهم وقد كانت أمه فرحة وسعيدة بإستقبالهم .
تعقيب :
الرواية صرخة في أذن كل سلطان ظالم. كما إنها دعوة لأيقاف الفساد الذي استشري كالنار في الهشيم فالفاسد يمكن أن يقتل نفساً ويمكن أن يبيع حراً كما باع الوزراء إبن الملك النجاشي عبداً للتجار العرب لولاسخر الله له ترجمان الملك لإنقاذه بعد أن اغتالوا أباه .
سبحان من بيده الملك “جعل العبيد ملوكاً والملوك عبيداً “.
هذه الرواية أشعلت فيّ حماساً للقراءة أكثر عن تاريخ الممالك السودانية القديمة التي لم نتعرف عليها جيداً، من يقرأ هذه الرواية يتأكد له أنّ الحضارة والتاريخ مرتبطان إرتباطا وثيقاً ولا يمكننا الحديث عن حضارتنا مالم نعرف تاريخنا ولا نستطيع أن نبشر بدين الإسلام مالم نعرف حقيقة الديانات الأخري .
مرسلة بواسطة عبد السلام محمد حسين في 3:49 م روابط هذه الرسالة
اضف تعليقا