بمناسبة صدور رواية ترجمان الملك لشيخنا الجليل دكتور عمر أحمد فضل الله عن دار نهضة مصر التى تولت أمر النشر والتوزيع لكل مكتبات الوطن العربى آليت على نفسى كتابة شيئ يسير جدا عن شيخنا المتواضع عمر…. وعن معاناته وصبره ومثابرته وعن الحرب الضروس التى شُنت عليه من قبل جهاز أمن العهد المايوى… أوائل سبعينيات القرن الماضى تقريبا لاحق ذلك الجهاز طلاب الجامعات والمدارس الثانويه خاصة بعد مظاهرات 1973 الشهيره … لاحق الجهاز دكتور عمر فى الخرطوم القديمه ثم فى بحرى الثانويه والجيلى الثانويه وأضطر معه شيخنا الى اللجوء الى مسجد العيلفون العتيق .. بيت الله الذى أحبه منذ صباه الباكر لمراجعة دروسه وأذكر أنه كان يتخذ ركنا قصيا من أركان المسجد بعد انتهاء الصلاة وينصرف الى القراءة والمذاكره ولا شئ يشغله عن ذلك البته الا أنه فى مرة من المرات بعد صلاة العصر ان لم تخنى ذاكرتى الضعيفه بدأ بعض المادحين يضربون على الدفوف ويرفعون أصواتهم منشدين قصيدة ما فى مدح الرسول عليه الصلاة والسلام … ولما كان شيخنا منذ صغره يميل للحق وقوله والجهر به ولا يخشى فى ذلك لومة لائم تحرك من مكانه وترك كتبه ووقف أمام الحضور وكان على رأسهم الرجل الوقور عليه رحمة الخليفة بركات خليفة الشيخ ادريس ووالد الخليفة الحالى محمد…. وقف شيخنا عمر وهو فقط دون العشرين عاما وأبتدأ حديثه بالآيه الكريمه من سورة الجن العظيمة ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) وأشار على المادحين بأن المساجد للذكر والقرآن وللصلاة وليس لضرب الدفوف ومن أراد ذلك فليخرج الى ساحات المسجد الخارجيه … فتبسم الخليفة بركات وعندها لملم كل واحد أطراف ثيابه وخرج الجميع خارج المسجد ….. شيخنا عمر يحمل القرآن فى صدره منذ بواكير حياته وأتذكر أنه كان يأخذنا الى جنائن عبد الكريم الأمين عليه رحمة الله ليعلمنا كيف نقرأه و كيف ننطق كلماته على الوجه الصحيح ومقصده من ذلك خيركم من تعلم القرآن وعلَمه….. برغم ملاحقة جهاز أمن العهد المايوى له ومحاصرته له وتضييق الخناق عليه ومنعه من فرص التعليم فى المدارس والجامعات الا أنه كان يملك عزيمة قوية وارادة صلبه لا تُقهر وشكيمة لم تلين يوما من الأيام وعبارة : The man and the challenge…… التى ظهرت فيما بعد لكتاب لمؤلفه اللبنانى فؤاد أو عادل مطر تتحدث عن جعفر نميرى عليه الرحمه تنطبق تمام الأنطباق على شيخنا د عمر….. شيخنا أتخذ التحدى شعارا له متوكلا على الله الذى لم يخذله وسهل له الطريق فهاجر طلبا للعلم فى أصقاع الأرض شرقا وغربا … يمنة ويسرى الى أن أستقر به قدره فى السعوديه فترسخت أقدامه ودرس على ما أظن وان بعض الظن اثم.. علما لم يكن ما كان ينشده ولكنه كعادته نجح فيما أُتيح له وعمل فى السعوديه وبعدها درس علما أخر وهو علم الحاسوب حتى بلغ فيه درجة الدكتواره………….. ما أريد ايصاله هو أن الدكتور عمر يجب أن يُؤخذ كأنموذج وقدوة لجميع من له رغبه صادقه فى التعليم والأستزاده والمعرفه … وبرغم ما تعرض له الا أن عزيمته لم تفتر وربما يكون الظلم الذى تعرض له قد قوى من تحديه وشحذ همته …. آب الى السودان لكى يفيد السودان والسودانيين مما ناله من من معرفه ويبدو أنه اصطدم بما لم يكن فى حسبانه وهو أعلم بالظروف والأسباب التى جعلته يهاجر مرة أخرى وهكذا هو ديدن الحكومات السودانيه على مختلف سحناتها واتجاهاتها فانها لا تحسن الاستفاده من علمائها فى شتى المجالات وبالأمس القريب حذرت وزارة العلوم من ازدياد هجرة العقول السودانيه ….. أستميحك عذرا شيخنا الجليل فى أنى لم أستأذنك لكتابة هذا… ولكن فرحة منى لنجاحك الأخير هذا … فقد سطرت هذا….. وأرجو السماح على هذا……. بدرالدين الطيب .
اضف تعليقا