من ديوان (أكواب بابل من ألسنة البلابل)
صـــه يا كنــار – محمود أبو بكر
صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يـدي |
|||
ودعِ المزاحَ لذي الطلاقـةِ والددِ |
|||
صه غيرَ مأمـورٍ وهـاتِ هـواتناً |
|||
دِيَماً تهشّ علـى أَصِـيد(1) الأغـيد |
|||
فإذا صغـرتَ فكـنْ وضـيئاً نَيّراً |
|||
مثلَ اليراعـةِ في الظـلام الأسود |
|||
فإذا وجـدتَ من الفكـاك بوادراً |
|||
فابذلْ حياتَـكَ غـيرَ مغلـولِ اليد |
|||
فإذا ادّخـرتَ إلى الصباح بسالـةً |
|||
فاعلمْ بأن اليومَ أنسبُ من غـد |
|||
واسـبقْ رفاقَكَ للقيـود فـإنني |
|||
آمـنتُ أنْ لا حـرَّ غيرُ مُقيَّد |
|||
وأمـلأْ فـؤادَكَ بالـرجاء فإنها |
|||
«بلقيسُ» جاء بها ذهـابُ الهدهـد |
|||
فإذا تبدّد شـملُ قومكَ فاجْمَعنْ |
|||
فإذا أبَوْا فاضربْ بعزمـة مُفـرَد |
|||
فالبندقيـةُ في بـدادِ بيوتـهـا |
|||
طلعـتْ بمجـدٍ ليس بالمتبـدّد |
|||
**** |
|||
صه يا كنارُ فما فـؤادي في يدي |
|||
طـوراً أضـلُّ وتارةً قد أهتدي |
|||
وأرى العواذلَ حين يملكني الظما |
|||
فأمـوت من ظـمأٍ أمامَ المـورد |
|||
وأرود أرجـاءَ البـيانِ دواجـياً |
|||
فأضـيق مـن آنائـه بالشُّرَّد |
|||
أنا يا كنارُ مع الكواكـبِ ساهدٌ |
|||
أسـري بخفـق وميضها المتعدّد |
|||
وعرفتُ أخلاقَ النجـومِ، فكوكبٌ |
|||
يهبُ البيانَ وكوكبٌ لا يهتدي |
|||
وكويكبٌ جمُّ الحياءِ وكوكـبٌ |
|||
يعصـي الصـباحَ بضوئه المتمرّد |
|||
إن كنتَ تستهدي النجومَ فتهتدي |
|||
فانشدْ رضايَ كما نشدتَ وجَدِّد |
|||
أو كنتَ لستَ تطيق لومـةَ لائمٍ |
|||
فأنا الملـومُ على عـتاب الفرقد |
|||
**** |
|||
صه يا كنارُ، وبعضُ صمتِكَ موجِعٌ |
|||
قـلبي ومُـوردِيَ الردى ومخلّدي |
|||
أرأيتَ لولا أنْ شـدوتَ لما سرتْ |
|||
بي سارياتُكَ والسُّرى لم يُحمَد |
|||
حـتى يُثوِّبَ للكمـاة مُـثَوِّبٌ |
|||
ليذيبَ تاموري ويحصب موقدي |
|||
أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها |
|||
مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي |
|||
سـأذود عن وطني وأهلك دونَهُ |
|||
في الهالكـين فيا ملائكةُ اشهدي |
|||
**** |
|||
من ديوان: «أكواب بابل من ألسنة البلابل»
اضف تعليقا