(السلام عليكم شكراً جزيلاً والتهنئة أولاً لدار مدارات والشكر أيضاً لدكتور عمر على هذا العمل المميز المتفرد. أنا ليس عندي كلام كثير لأقوله لأنني لست بناقد ولكني أدردش واقول انطباعاتي. لقد غرقت في هذه الرواية بصورة لم تحدث من قبل فلم يحدث أن شوقتني رواية مثل رواية عمر هذه. واستغرقت قراءتي لها أقل من يوم وأنا من أوائل الذين قرأوها.
الذي لفت نظري في هذه الرواية أن أحداثها تدور على مدى الحزام التاريخي القديم (الحزام السوداني) الذي يبدأ من المحيط وينتهي بالبحر الأحمر. الرواية مساحتها في هذا الجزء. والرابط بين السودان والمغرب لم يتناوله أي شخص في أي عمل روائي أو عمل قصصي أو حتى شعري بالرغم من أنه يوجد رابط قوي جداً بين السودان والمغرب. وإذا كنا نتكلم عن التاريخ القديم وقت دخول الإسلام وحركة الهجرات القديمة فلم تكن كلها قد جاءت إلى السودان من المشرق لكن من المغرب أيضاً جاءتنا هجرات مؤثرة للغاية. بيد أنها لم تظهر في كتابة التاريخ بالرغم من أنها كانت واضحة جداً. ابن عمر التونسي الذي وفد من تونس وأقام في السودان بشكله الحالي كتب عن السودان وعن تاريخه وعادات الناس وأشياء أخرى كثيرة. قليل من المؤرخين تناولوا هذا الجانب لكن الكثير من الهجرات جاءت من منطقة المغرب العربي من تونس ومن ليبيا ومن الجزائر ومن المغرب جاءوا مهاجرين إلى السودان. وجود مجموعة ما نطلق عليه المغاربة الموجودين في بحري وفي الخرطوم وفي كوستي وفي سنجة هي مجموعة تؤكد قدم الصلات بين السوداني النيلي والمغرب.
تحضرني رواية ليون الإفريقي لأمين معلوف ففيها أيضاً رحلة لكنها انتهت إلى روما فانتهت إلى أوربا لكن فيها مساحة من الحراك ومن الأحداث تدور من الأندلس من المغرب مروراً بموريتانيا والسودان ولحد دونقلة ولحد مصر ثم بعد ذلك إلى أن وصل روما. ذلك هو ليون الإفريقي والرواية المشهورة لأمين معلوف.
هذه المنطقة لم تتم الكتابة عنها كثيراً كما قدمت لكم لكن دكتور عمر أخذ راحته تماماً فكتب لنا عملاً مشوقاً للغاية، جاذباً للغاية، يمس التاريخ من ناحية ولكن أيضاً فيه الخيال الواسع للكاتب ولديه المقدرة العالية في سرد الأحداث التي تمت من خلال هذه الرواية.
الذي لفت نظري أيضاً هو موضوع اللغة. فاللغة سامية للغاية، مترابطة، وما فيها أخطاء في كل صفحات الكتاب. الراوية كاملة وسليمة لغوياً ونحوياً وصرفاً وفي كل شيء! حتى اللهجة المغربية!.
(تصفيق حاد من جمهور الحاضرين)
وأنا ما عارف هل دكتور عمر هذا فعلاً عاش في المغرب فترة طويلة؟ وكنت حريصاً جداً على معرفة هذا لأنني عشت في تونس حوالي سنتين أو ثلاثاً.. فكنت حريصاً على تقصي اللغة فرأيت اللغة المغربية عنده سليمة مائة بالمائة! حتى أنني شككت فقلت سأرى إلى أين ينتهي نسب هذا الرجل فيكون اسمه عمر فضل الله من؟ ماذا بعد فضل الله من أسماء؟
(تصفيق حاد من الجمهور)!
على كلٍ هذه تهنئة حارة على رواية وعمل مميز يستحق أن يكون علامة فارقة في الأدب الروائي السوداني فألف تهنئة دكتور عمر وألف شكر لكم للاستماع.
السفير جمال محمد إبراهيم حول رواية أنفاس صليحة.
قاعة الشارقة الخرطوم – الأحد 10 سبتمبر 2017
اضف تعليقا