صدرت عن دار نهضة مصر رواية بعنوان «ترجمان الملك» لمؤلفها السوداني عمر فضل الله وهي رواية تجمع بين الخيال والحقائق التاريخية. وتروي قصة حياة الشاب «سيسي بن أبيلو» ذي الستة عشر ربيعاً والذي نشأ في العام 600 للميلاد في منطقة الحبشة القديمة بوسط أفريقيا وعاصر الأحداث العاصفة التي شهدتها السنوات الأولى من القرن السابع الميلادي، وعاصر وفود العرب القادمين من مكة للاحتماء بالدولة المسيحية والنجاشي، حيث يروي الشاب عن الصداقة التي نشأت بينه وبين أحد الشباب العرب القادمين من مكة (الزبير). كما يروي حكاية جده (دلمار بن أرياط) الذي كان يعمل ترجماناً للملك النجاشي ويسرد صوراً لممارسات تجارة الرق وبيع العبيد في ذلك الوقت من خلال مذكرات الملك النجاشي الصغير.
وتعكس الرواية للصراع الفكري الذي كان يدور في ذلك الوقت بين الكنيسة والقصر من خلال حوارات (دلمار) ترجمان الملك مع الكاهن أنطونيوس أسقف الكنيسة في سوبا، والحوارات بين الكاهن أنطونيوس والشاب «سيسي»، وبينه وبين الملك النجاشي. كما تضمنت حوارات الملك مع وفود العرب القادمين من مكة.
تصف الرواية قصر الملك والكنيسة والبيوت والأسواق في سوبا كما تعكس كثيراً من أنماط الحياة وسبل العيش والتجارة في مجتمع (سوبا)، ومكونات البيت الأفريقي القديم في مملكة علوة وواقع المجتمع المسيحي في سوبا وهيمنة السحرة على بعض جوانب الحياة.
تميزت الرواية بأنها تناولت بقعة مجهولة من أفريقيا لم تنل حظها من الاهتمام كما سلطت الأضواء على إحدى الممالك المسيحية الأفريقية القديمة وسبل العيش وأنماط الحياة والشخصية الأفريقية بجاذبيتها وسحرها.
وعن الرواية كتب الدكتور عثمان أبو زيد عثمان المستشار في رابطة العالم الإسلامي، ما يلي:
على غير المألوف يقدّم المؤلف لروايته بمقدمتين؛ إحداهما مقدمة المؤلف والأخرى مقدمة الراوي، ويقرر المؤلف في مقدمته أن البر الغربي للبحر الأحمر وضفاف النيل الأزرق كانت ملاذاً للعرب المسلمين المهاجرين من مكة إلى مملكة (علوة) المسيحية. ويرى المؤلف أن هذه الهجرة كانت بمثابة خطوة إستراتيجية عسكرية ناجحة لتأمين ظهر الدعوة الإسلامية وهي في مواجهة أعتى إمبراطوريتين في ذلك الوقت (الروم) و(الفرس)، كما كانت أنجح سفارة في تاريخ الإسلام كله.
وأول ما يشدّ انتباه القارئ لرواية «ترجمان الملك»؛ أسلوبها الجزل ولغتها الرصينة التي تستعير ألفاظاً وأسماء من لغة هذه البلاد وبيئتها، تضفي جواً من الغموض الفني، فينتقل الخيال إلى الماضي ليعايش صوره وملامحه وتقوم بنية الرواية على سرد متناغم يتوغل في أعماق الشخصيات، ليصف عالمها الداخلي، وما يدور فيه من خواطر نفسية، أو حديث مع الذات، وهو ما يسميه النقاد بـ»السرد النفسي» وربما يسأل القارئ؛ أهذه رواية تاريخية أم رواية للتاريخ؟ فوضع مقدمة المؤلف نهجٌ غير معتاد في كتابة الرواية.
تضمنت رواية «ترجمان الملك» فيما تضمنت، عرضاً لعلاقة عاطفية، ومع أنها ليست في بؤرة النص الروائي، وإنما هي مدفونة فيه، فإننا نتساءل: هل نحن بحاجة إلى قصة حب في كل عمل روائي؟ وفي كثير من الروايات التاريخية، يعمد الروائيون إلى اختراع هذه القصة إن لم يجدوها، بحجة أن العمل الفني لا يستقيم بعده التشويقي إلا بها.
المصدر: جريدة الاتحاد
تم ادراج عن الممالك والرعايا بتاريخ 18/07/2013 ورقمه لدينا 301041