رواية تجمع بين الخيال والحقائق التاريخية في قالب سردي، ومعالجة روائية أدبية وفلسفية واجتماعية لتاريخ وملابسات ودوافع قيام الثورة المهدية في السودان بزعامة محمد أحمد المهدي التي تمخضت عن دخول أنصاره عاصمة الترك (الخرطوم) في عام 1885ومقتل غردون باشا الحاكم البريطاني على السودان آنذاك. وتعتمد الرواية على الحكايات الشفاهية الحقيقية التي يسردها المؤلف عن أبيه عن جده الذي عاصر المهدية واستمع للسيدة عائشة زوجة المهدي حين كان صبياً وهي تحدثه عن الحياة الخاصة للمهدي، وتقص عليه الرؤيا التي رآها المهدي قبل مهدويته، وكيف تحققت بتفاصيلها فيما تلا من الزمان، كما تحكي عن تطور أحداث المهدية ومآلاتها بعد سقوط الخرطوم وما أعقب ذلك من فوضى واستباحة للمدينة.
تشتمل بنية القصة على الحوار الذي دار بين الأب والابن أثناء انتظارهما للترام لينقلهما من (أم درمان) إلى (الخرطوم) في ستينيات القرن العشرين وتتوالى القصص داخل القصص أثناء ذلك مشتملة السرد الذي جاء على لسان عائشة زوجة المهدي، وهي تحكي التفاصيل التاريخية المعقدة للثورة المهدية ثم موت المهدي. وتناقش الرواية عبر أحداثها حقيقة مهدوية محمد أحمد وهل هو حقاً المهدي المنتظر؟
تقص السيدة عائشة على الصبي – الذي أصبح فيما بعد جد الراوي – الرؤيا المنامية التي رأتها وتمت من خلالها المحاكمة الروحية للمهدي أثناء مرضه واحتضاره، والمرافعة التي يدافع فيها عن نفسه بدحض التهم الموجهة إليه من دعوى المهدوية التي يزعم أنها أوكلت إليه في الحضرة النبوية، التي شهدها نبي الله الخضر والملائكة والأقطاب والأبدال وغيرهم. ثم يسرد المهدي تاريخ حياته منذ ولادته حتى مهدويته، وتأثره بالفكر الصوفي لابن عربي والحلاج والغزالي، وانتقاله بين الشيوخ لطلب العلم، ثم أخذ الطريقة الصوفية عليهم، وما رآه من ظلم الأتراك الأمر الذي دفعه آخر المطاف لقبول دعوى المهدية التي كان قد بشره بها أحد شيوخه، ثم أكدها له صديقه وخليفته من بعد ذلك (عبد الله التعايشي).
تصف الرواية مجتمع الخرطوم المترف الغارق في الرذيلة قبل الثورة المهدية، والوجود الأجنبي في السودان، وانتشار اللواط والعاهرات في شوارع الخرطوم، كما تعرض انتشار ظاهرة الرق في السودان خلال تلك الفترة، وتصف شخصية المرأة من خلال شخصيتي “عائشة” زوجة المهدي، و”ميمونة المجنونة”، بينما تصف معالم الخرطوم وأحياءها القديمة في ذلك الزمان بصورة مفصلة ودقيقة. تتعرض الرواية لممارسات أنصار المهدي يوم دخلوا الخرطوم وما وقع من سفك لدماء العلماء، واستباحة الخرطوم، ونهب أموال التجار، وأخذ نسائها رقيقاً كما تعرض الحوارات التي دارت بين المهدي والعلماء حول حقيقة مهدويته. تعرضت الرواية لفترة هامة ومفصلية في تاريخ السودان عبر حبكة روائية لا تخلو من عنصر التشويق والغرابة.